اهم الأخبار:

مقالات

حامد بدر يكتب: في السباق الرمضاني هل "روفا" يمثلكم؟

حريتنا -  حامد بدر يكتب:  في السباق الرمضاني هل "روفا" يمثلكم؟

الإعلان شكل من أشكال الأنشطة الإعلامية التي لا غِنى عنها في الترويج  للأنشطة الاقتصادية من صناعة وتجارة ولا سيما خدمات أخرى تخص المؤسسات كما أنه النشاط الترويجي الأسرع والأكثر نشاطًا ليصل بفكرة المنتج والهدف منه إلى العميل "القيمة الإعلانية" حتى أنه صارت هناك اقسام للإعلان داخل المؤسسات بل صارت وكالات إعلانية مستقلة بذاتها..

وبهذا يكون الإعلان وسيلة مبتكرة لمخاطبة عقول الجمهور الذي يود أن يرى كل يوم جديد ولا تقف احتياجاته إلى حد معين وليس لإشباع رغباته سقف أو حد ..

والأيام الرمضانية في مصر والعالم العربي تعد مناخًا جيدًا للتسابق الإعلامي وبخاصة الإعلانات التليفزيونية الذي تزيد فيه المنافسة على العميل الذي ينتظر المزيد من العروض والأفكار الهادفة، وبالتالي فيقعد المصممون للإعلانات طيلة شهور قبل ذلك السباق الرمضاني يعدون لتقديم أفضل ما لديهم من أفكار، ولعل ما لفت انتباهي كمشاهد هذا العام ذلك الإصرار على أن تكون القيمة منهارة في بعض الإعلانات، والتي للأسف يكون الهدف – المفترض – منه بعيدًا تمام البعد عن تصميمه وتأديته أمام الكاميرا ليصير مادة للعلن يُعرض على الجمهور.

ففي هذا العام يخرج علينا إعلان "إيجي بنك" بفكرة إقراض الشباب، والذي يصوِّر في عدة مشاهد مختلفة لـ "رؤوف" أو "روفا" الشاب الجامعي الذي يتعرض لمعاملة سيئة او بمعنى أدق معاملة باردة من والده وأفراد أسره والذين لا يعتبرنه رجلاً رشيدًا فيخاطبونه باستهانة ولا يكترثون لذلك الشاب الذي يقترب من نهاية حياته الجامعية، ويحاولون باستمرار تصويره على انه طفل صغير أو قليل الهيئة كما يصور الإعلان في اكثر من برومو، ليتدخل صوت المعلِّق الصوتي "ما حدش بيعمل لك حساب إحنا عملنا لك بنك".. وكأن الحساب الذي يجب أن يعتمد عليه أي شاب في تلك السن هو الحساب المادي أو البنكي الذي يجعله متخليًا عن أهله، وكأن علاقة الأبوة والبُنوّة قائمة على الطعام والشراب.

للأسف كانت طريقة العرض غير ممتازة تمامًا فأي ثقافة تلك التي تُرسَّخ في عقول شبابنا؟

الإعلان لم يعتبر قيم المجتمع والأسرة التي نحن أحوج إلى ترسيخها من تركها أو السخرية منها، تلك الثقافة التي صارت بعيدة عنّا تمام البثعد "ثقافة المسئولية" والتي ربما تحدث تشويهًا غير مقصود، ولكن في تلك الحالة لا تكون للأعذار سبيل، فالإعلان المعروض بذاته رسالة تخاطب نفسية المستهلك "الشباب"، وبالتالي فالشاب يحملون مجموعة من القيم والثقافات ربما تتأثر بتلك التفاصيل التي لم يتم الاكتراث بها.

ومن أساسيات كون المنتج التليفزيوني إعلانًا أن يتوجّه إلى كلّ شريحةٍ من شرائح المستهلكين بخطاب إعلاني مستهدفًا توجيه الاهتمام  وجذب الانتباه إليه، ربما نجح الإعلان في جذب الإنتباه ولكنه لم ينجح في ترسيخ القيمة التي حتمًا يلزم بثها في نفس المستهلك.

وقد يرد البعض زاعمًا أن من أهداف الإعلان شرح وتوضيح ميزات السّلع والخدمات حتى تُباع أكثر وبالتالي يلزم عرض المزيد والجديد للنّاس حتى يجدوا الاختلاف عمّا عهدوه، ولكننا نرد بأن الإعلان هدفه النهائي عرض المنتج ذاته بأجمل ما يكون ليدفع المستهلك للإقبال عليه ومحاولة الاستفادة من المنتج ذاته فتوفر عناء التسويق البشري الذي ربما لا يأتي بافضل النتائج كما الإعلان المُتلفز "التليفزيوني"، ثم أتسائل هل الميزة الوحيدة التي أحصل عليها كشاب هي التحرر من سيطرة الاب أو الاسرة؟ وماذا بعد ؟

هذا ما وصفناه عن منتج أو سلعة تجارية، فما بالك عن منتج يجذب الشباب برسالة تدعوه كي يصير مستثمرًا أو منتجًا له مشروعه الخاص في بلد يعاني أزمة إقتصادية، ربما كان على المُعلن أن يحسن توظيف رسالته التي يجذب بها شبابًا يطمح في الخلاص ليس من دكتاتورية الأب بل من دكتاتورية الواقع المفروض عليه، من دكتاتورية الأزمة التي لا يعلم من أين جذورها وإلي وكيف ومتى تنتهي، هكذا يجب ان تكون مخاطبة الشباب في وقت يقع فيه الشباب بين مطرقة الروتين وسندان الوقت الذي يمر عليه مرور البرق.

إن التجديد أمرٌ حتمي ولا شك أن التغيير في الشكل الفني للعروض بوجه عام ليس على المستوى الإعلاني فقط مطلوبًا، ولكن لا داعي للشرود بعيدًا عن حدود المجتمع الذي يعاني كثيرًا من الأزمات والذي يحتاج إلى آليات وأساليب مستنيرة أكثر من كونها مثيرة للجدل.

وأخيرًا "روفا" لا يُمثلُنِي فهل "روفا" يمثلكم؟.


للاستماع للبث المباشر لراديو حريتنا اضغط هنا
للاشتراك في صفحتنا على الفيس بوك ومتابعة أخبارنا اضغط هنا
المصدر : حريتنا

اقرأ أيضا

تعليقات الموقع (0)

أضف تعليقك
الأسم
البريد الالكترونى
الهاتف المحمول
عنوان التعليق
التعليق
إرسال التعليق

تعليقات فيسبوك

حريتنا 2013 © جميع الحقوق محفوظة لدى موقع ( إحدى مواقع شركة LCA )