لا أستطيع ان أقول أنه حديث من القلب؛ لأن أحاديث القلب تأتي من نفوس راضية بالواقع التي تعيشه حالمة بمستقبل باهر مليء بالأحلام الوردية الجميلة، ولكن نفسي ليست راضية، فالواقع الذي نعيشه مليء بالكثير من الهموم والأزمات التي صارت تضيف إلى النفس أثرًا من اليأس وإرثًا عن آبائنا في التخاذل بالمطالبة بالحقوق جاثمة على قلبي المرض بهموم الغد واليوم وكل يوم.. لذا فأقترح أن أجعل رسالتي تحت بند الشكوى".
قلت يا سيدي ، خلال كلمة بالأمس في المنتدى الأول لنماذج تأهيل الشباب للقيادة، إن هناك فساد في المحليات، طيب وهنعمل إيه يعني؟، تساءلت يا سيدي دون النظر حتى في جذور المشكلة، المشكلة في الجذور ذاتها في أن الأساليب التي تُدار بها الدولة لم تتغير بعد، وإن تغيرت الوجوه، مازال يعاني الشعب من بطش رجاغل الأعمال وضعف راس المال الوطني اما رأس المال الخاص، ما زلنا نعاني ويلات الروتين بالمصالح الحكومية، ما زلنا نعاني ويلات الروتين داخل المصالح الحكومية، حتى في اتخاذ القرار السياسي أو حتى أبسط القرارات صار البطء سمة مميزة لها.
المشكلة لم تعد في الحكومة أو البرلمان .. المشكلة صارت في المواطن الذي صار يسأل نفسه كل يوم، عند الاستيقاظ أو عند الذهاب إلى العمل أو عند الإياب منه أو عند ركوب وسائل المواصلات العامة التي نالت من كرامته وأهدرت من بقايا إنسانيته الزحام والتكدس فيها، صار يسأل نفسه هذا السؤال: "وهنعمل إيه؟".
سيدي الرئيس يعيش المواطن اليوم أسوا الحالات، فالأسعار في ارتفاع، والدعم في طريقه للإلغاء، والرواتب لم تعد تكفي الأسر البسيطة، أما الشباب فلهم الله لا يعلمون كيف مستقبلهم؟ في ظل توترات وتخوفات من ضياع المستقبل.
سيدي الرئيس .. الماء .. صار أزمة لدى الكثير من قرانا التي لم تعد تجد شربةً نظيفة، والذي صار سببًا رئيسًا – وعلى المكشوف - من أسباب الإصابة بالفشل الكلوي، والدلائل كثيرة.
سيدي الرئيس .. الغذاء والمأوى .. صارت كارثة فأغلب المواطنون لا يجدون غذاءًا نظيفًا ولا مأوى يليق بهم، فالتقارير العالمية تشير بأن مصر تحت خط الفقر..، فمثلا "هنعمل إيه؟" في سعر طبق الكشري الذي يساوي خمسة جنيهات، تصور سيدي الرئيس لو أن عائلة من خمسة افراد تنفق 25 جنيهًا، إن لم يكن أكثر، كي تتناول وجية مكونة من الارز والمكرونة. وما بلك سيادتكم حينما يقرأ المواطن عن ضبط الحمير المذبوحة؟
سيدي الرئيس .. التعليم .. صرت أخشى من هذه الكلمة، فالتعليم لدينا لا يفرز عقولاً – للأسف – تستطيع ان تطور أو تفهم، فكيف سيكون شكل المستقبل..؟
سيدي الرئيس.. الصحة .. من منا حينما يدخل المسشقيات الحكومية، يشعر بانه مفقود، وإذا خرج يكون قد كُتبت له حياة جديدة من عند رب العالمين؟ أسعار الادوية المرتفعة اكبر دليل لان نعترف بانه هناك تقصير كبير في حق المواطن البسيط الذي يعيش حاليصا على حد الكفاف، وليس الكفاية.
سيدي الرئيس – الموظف الحكومي - يقني حياته في خدمة بلده براتب هزيل؛ لينتهي به الأمر بعد بلوغه سن المعاش إلى تقاضي مبلغ لا يتجاوز الألف جنيه، فيمكث في بيته فقيرًا محسورًا بقية أيام حياته.
سيدي الرئيس .. الأمن .. رُغم خطتكم لمكافحة الإرهاب وتدعيم الشرطة لمقاومة الإجرام، إلا ان المواطن صار يفتقد للشعور بالأمن التام، فلا نجد سوى أطفال ضيعى في الطرقات ونهب وسرقة يزيد في البلاد، وربما يجنيها إهانة يجنيها لو تعامل مع شرطي أو فكر في الدخول إلى قسم شرطة .. فأين الأمن؟
سيدي الرئيس – الحريات – كل يوم يُنتَقص من حرية المواطن، فلا مجال للتعبير عن رأيه، حتى الكلمة، ربما صارت تودي بالمواطن المصري إلى غياهب السجن، ولم نجني سوى تكميم الأفواه ومصادرة الصحف.
رُغم تزعمكم لتغيير الخطاب الديني، صارت الكلمة بحساب وصار البحث في شأن الأديان جريمة، حتى النقد ربما صار يلقى تكفيرًا.
سيدي الرئيس .. شعب صار يحمل همومًا ويخشى من التعامل المباشر مع هذه المصطلحات – والتي ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر- الماء، الغذاء، المأوى، التعليم، الأمن، الحريات، فهلا أخبرتنا الحل.. "هنعمل إيه؟"