الماضي يعود ليصبح حاضراً وكأننا نعيش عام 2000 وتحديداً في الثلاثين من سبتمبر في فلسطين، عندما شنت إسرائيل الحرب على غزة، التي راح ضحيتها 4412 قتيل، وكانت قناة فرنسا 2 ضمن القنوات التليفزيونية من جميع أنحاء العالم لتغطية أحداث الإنتفاضة الفلسطينية، التقطت عدسة المراسل الفرنسي " شارل إندرلان" مشهد إحتماء جمال الدرة و ولده محمد البالغ من العمر اثنتى عشر عاماً، خلف برميل إسمنتي بعد سقوطهما على الأرض، وسط تبادل لإطلاق النيران بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية, احتضن الأب ولده عندما صرخ الصبي باكياً فأشار الأب لمطلقي النار بالتوقف وسط وابل النيران, وانتهى المشهد الذي استمر لأكثر من دقيقة بنوم الصبي على ساقي أبيه.

تكرر المشهد في الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا صباح الأحد الماضي والتي راح ضحيتها 132شخص برئ طبقاً لما أعلنته الشرطة الفرنسية, فوسط الأحداث احتمى شاب خلف صناديق القمامة لتفادي الإصابة، وجاوره رجل يحمل كاميرا متكأً على ركبتيه يصور ما يحدث حوله.

وعلى الفور تحرك العالم أجمع تضامناً مع القتلى الفرنسيين, وشهدت البلاد الأوروبية وخاصة فرنسا حالة طوارئ قصوى لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية, وتضامنت البلاد العربية بدورها مع فرنسا وأدانت العنف والإرهاب.
مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي ( فيس بوك _ تويتر ) عبروا عن رأيهم وإدانتهم للأحداث في فرنسا, ولأول مرة يُمكن فيس بوك مستخدميه من وضع العلم الفرنسي كظل على صورهم الشخصية, هذا ما تفاعل معه عدد كبير من المستخدمين العرب.

نفس المشهد " القتل غير المبرر" وتباين ردود الأفعال غير المسبوق عالمياً بل وعربياً , فلم نجد رد فعل مطابق أو حتى يشابه ردود الأفعال تلك مع القتلى الفلسطينيين الذين يسقطون يومياً منذ أعوام عديدة, حيث أن الدم كل الدم حرام حرمه الله عزوجل وعظم حرمته فقال تعالى " مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ".
فهل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والدول المنادية بحقوق الإنسان، نجحت في ترسيخ العنصرية في العالم, فجعلتك تدافع وتتخاذل عن حق الحياة لأي إنسان وذلك طبقاً لجنسيته ديانته وموطنه, لا يحق لك عزيزي القارئ إعطاء الحياة لإنسان وسلبها من آخر بدمٍ بارد تبعاً لجواز سفره أو إعتقاده ...