هل تذكرون الفنان " جميل راتب" في فيلم (الكيف)؟!، عندما قال له يحيي الفخراني : أنت " سيكوباتي" .. هذا وصف علمي لهذه الشخصية المصرية، الذي يرى أن المخدرات احتياج ضروري للشعب وخلط الحشيش بالكيمياء، لا يسبب أي أمراض، لأننا فراعنة نتحمل أي شيء بعكس الأجانب الذين لايطيقون شرب مياهنا الملوثة، ولا أغذيتنا منتيهة الصلاحية .
هذا ملخص مقال قرأته عن مرض نفسي يصيب الشخص فيجيد تمثيل دور الإنسان العاقل فعند مقابلته ربما تنبهر بلطفه وقدرته على استيعاب من أمامه وبمرونته في التعامل وشهامته ولكن كل هذا مؤقت وظاهري فوعوده براقة ويعطي وعودًا كثيرة ولا يفي بأي شيء منها وهذا ما تعرفه عند التعامل معه لفترة كافية أو تسأل أحد المقربين منه عن تاريخه فتجده شخصًا شديد التلون .
فالشخص " السيكوباتي"، له قدرة على التأثير على الأخرين والتلاعب بأفكارهم ويتلذذ بإلحاق الأذى بمن حوله، ننظراً لأنانيتهم المفرطة وطموحهم المحطم لكل القيم والعقبات والتقاليد والصداقات في سبيل الوصول، فيصلون إلى أعلى وأرفع المناصب بسبب تلونهم وذكائهم الاجتماعي، فهو يسعي لإيذاء من حوله حتى يفسح الطريق لنفسه ويسير بمبدأ البهظ بيه "الشعب كتير والموصلات زحمة خلى البلد تفضى شوية .
وكما قلت في بداية المقال إسقاطًا على شخصية جميل راتب (البهظ بيه)، إنه يفعل الغلط ويلحق الضرر بالأخرين، ولكن من وجهة نظره إنه يقدم خدمة للشعب لأنه احتياج شعبي ولا يسبب أي أمراض وهو ما نلاحظه في حواره عندما قال ليحي الفخراني : "الناس هما اللي مغفلين" إذن فهو غير مستبصر بما يفعل ولا يرى نفسه متلونًا أو سيئًا أو نصابًا حتى في اعتذره يكون الاعتذار زائفًا ..
وكثيرًا ما نقابل مثل هذه الشخصيات في حياتنا من الوصوليين والانتهازيين من الدرجة الأولى الذين لا يرون إلا مصالحهم وأنفسهم، وإذا ارتكبوا أي تصرف سيء في حقك فلا يندم على ذلك، ولا يشعر بأي تأنيب للضمير بل يكرر هذا الفعل .
ولديه سحر خاص ويجيد الجاذبية المصطنعة وعذوبة في الكلام، والكذب لديه شيء ثابت في حياته ونمط في سلوكه حتى وإن كان لايعود عليه بأي فائدة أو يحميه من العقاب فهو يكذب لمجرد الكذب وينافق ويتسلق على ظهور الآخرين .
أنظر إلى عالمنا السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي فتجد الصراعات المميتة للوصول للسلطة والكرسي باستخدام الكلام المعسول والوعود الزائفة والخطب الرنانة، وفي الغالب إذا تحقق هذا الحلم ووصل لهدفه يعيش في برجه العاجي وتذوب الوعود وتتحطم .. وسيكوباتية معلمينا في مدارسنا فهم لا يفكرون إلا في الدروس الخصوصية والكسب المادي .
ولذلك لم نتقدم ولن نتقدم إلا إذا عولج هذا المرض وبدأ كل شخص بمعالجة نفسه بالبعد عن الأنانية والانتهازية والحقد والمصلحة وأن نعود إلي قيمنا الدينية والأخلاقية الحميدة . وفي النهاية يمكن أن يقول لي شخص إذن كل مجتمعنا سيكوباتي وصولي أقول له "نعم" معظمنا كذلك فنحن نعيش في زمن "البهظ" بيه !.