اهم الأخبار:

مقالات

حلا المطري تكتب : " الأدب النسوي"..إما أن يكون عورة على الورق .. أو يكون ثورة

حريتنا - حلا المطري تكتب  : " الأدب النسوي"..إما أن يكون عورة على الورق .. أو يكون ثورة

 

  الأدب النسوي هو قوي بنكهة تاء التأنيث ونون النسوة، لذلك يجب أن يفرض نفسه بجدارة قرب من يخيل إليهم أن لا صوت لنا.. قرب من يخيل إليهم أننا خلقنا لأدوار مجتمعية محدودة لا قيادة فيها، ولكن ولمفارقة القدر، أن تلك الأدوار المجتمعية المحدودة لا عيب فيها على الإطلاق.

 إنه ما العيب إن أعتلت امرأة عرش منزلها، وتفانت في أمومتها وحبها، وما العيب لو أعدت جيلًا جميلًا يشرف وبحق، جيلًا يخرج منه الإناث والذكور، ذات الذكور الذين يروننا مبتورات الأحلام، بل ومنهم من يرى أن لا حق لنا في الحلم، كما في الحياة.

وإن صوت المرأة إن لم يكن بثورة عارمة تثير رعدًا وبرقًا على صفحات الأدب، فحري بها أن تصمت.. وأن تكون كاتبة أخرى، برتبة ربة منزل، أو وصمة إنسانية لم يتم وأدها بعد وسط زخم " أنا رجل وأنت امرأة".فأخشى على كاتبات هذا العصر، أن ينتظرن أن يتم وأدهن فكريا ومجتمعيا.. بسلام.

 إننا نجدهم يدخلون " القوامة " في كل الأشياء باسم " الرجال قوامون على النساء"، والحق أنهم أساؤوا أيضًا فهم القوامة بمعناها الحقيقي، فقوامة هنا لا تعني أننا ذليلات لأنهم رجال ونحن نساء، أو لأننا ضعيفات بالفطرة. القوامة هنا تعني المسؤولية، وأنه بطبيعة الحال الرجل مسؤول من وعلى المرأة، وهذا لا عيب فيه. ولكن إن جئنا للحق، فلقد اختلف الوضع الآن كليًا وهناك نساء هن النساء والرجال في حياتهن، ويقفن قرب الرجل بوفاء وتجد منهن من يحمل تلك المسؤولية على عاتقه أيضا وكلهن فخر.

ومنهم من يرى أن المرأة لذة بنكهة جسد، وأنها ما هي إلا آلة شهية تسير في الطرقات، وكأنها ناقصة منقوصة في انتظار من يحكمها تحت أي مسمى كان، إما بالزواج، أو منعها من التعليم والعمل وكأنها أتت بفاحشة، لكونها أنثى.فما بالك لو خرجت بحروفها إلى النور وقالت: أنا هنا.. اسمي أنثى وعمري كاتبة؟؟.

والحق أن البعض يعاني من اختلال في المفاهيم، خصوصا فيما يخص تفسيرات القرآن الكريم، هم لا يدرون أننا كذلك ولدتنا أمهاتنا أحرارًا وأنهم هم من يعانون من ضيق الأفق والتفكير حين يفسرون آياته الكريمة فيما ترتضيه أنفسهم. المرأة كرمها وأكرمها القرآن، ولها منزلة لن تكفيها مجلدات وكتب الدنيا.

لذلك برأيي أن للأدب النسوي _الصحيح_ دور مهم وفعال في تغيير بعض المفاهيم الخاطئة التي لا تقل إمعية عن تلك العقول وأجد أننا الآن بحاجة إلى كاتبات جريئات واثقات كل الثقة أنهن قوى، ودرر. نحتاج أدبا يكرمنا حق تكريم، لإزالة غبار الجهل والتطرف عن عقول الكثيرين.

 هناك أدب نسوي يفرض على قارئيه احترام "نسوية" صاحبتها. إلى الآن لا يزال البعض يطلقون علينا "ناقصات عقل ودين" والحق أنهم فسروا الحديث تفسيرا خاطئا.

ففي الحديث ما يكرمنا ولا يصمنا، نحن ناقصات عقل، وكبيرات قلب وعاطفة، لأننا كائنات عفويات، أحيانا لا نحسبها جيدا عقليا، بل نتجه إلى العاطفة ونفضل طبيعيا التفكير بقلوبنا. وناقصات دين لظروف فسيولوجية تخص طبيعتنا كتبها الله على كل أنثى.

المجتمع الآن بحاجة لأدب نسوي يفرض حروفة الأنثوية وبفخر، قرب تلك الذكورية، ولكنها ليست مسألة منافسة قدر كونها مسألة إثبات وترسيخ صوت أنثوي جميل مخافة أن يضيع، مخافة أن تقطع أحباله الصوتية.. فنجدنا أمام زمن آخر من: أنا لا أسمع ولا أرى ولا أتكلم.   

"رواية كانت لك".. تدور أحداث الرواية حول الجميلة رنا..والتي بدأت حياتها فعليا يوم أرادت الانتحار أدبيا،وخوض تجربة روائية أولى تسرد فيها فجيعتها وأحلامها وضحكاتها ودموعها..وكأنها تتعمد التعري أمام خلق الله أجمع في سبيل أن تقع روايتها في أيدي قارئ واحد فقط..أيمن..رجل الثلج.. الرجل الذي احتلها دون أن تدري..وإذا بها تشهد انهزامها الأول..فظلت تصارع وتصارع،فكيف لها أن تسترد كبريائها الذي اغتيل وصبرها الذي أهدر؟ فكانت روايتها تكريما لها.. وإن كانت الرواية له.

في البداية تحكي البطلة عن حياتها.. وتحكي عن  عصر ما قبل أيمن وما بعده وما بين بين.. وكيف كانت حياتها رتيبة تخلو من الاتقاد وإن كانت عبثية..

تتحدث البطلة عن علاقتها بأمها،وعن أبيها الذي استشهد باسم الحب،وعن زوج أمها الذي اقتحم حياتها فجأة.. وعن جدتها التي أحبتها حد الجنون.. وصولا إلى خطبتها لأحد الخليجيين.. وحتى دخول أيمن فريد حياتها وبعثرتها كليا..

أيمن هو الضربة الطاغية التي أصابت رنا.. أصيبت رنا بأيمن قبل أن تصاب أو تقع في الحب.. وإذا بكلماتها تتقد فجأة لدرجة تكاد فيها تسمع ضحكات الحروف أعلى  السطور...

من هذا المخلوق الثلجي؟ وكيف استطاع إذابة صبرها وكبريائها؟ كيف استطاع أن يبهجها ويخرجها من فوضى الأحزان إلى فوضى الحب واللاحب؟ وكيف استطاعت الصدف أن تنسج بينهم تلك الحكايا بتلك البراعة والجنون؟

وهكذا عاشت رنا إلى أن قيدتها الحقيقة.. حقيقة وجود طرف ثالث في مثلث الحب الأغرب.. فأعلنت حدادا.. وكانت مراسم العزاء "رواية"..

وبدأ الفصل الأخير،الفصل الذي تجردت فيه البطلة من حبها للبطل على أرض الواقع،لتحبه فقط في روايتها ولكن بحد لا يتجاوز رواية..فكان هذا هو المسموح لها من الحب،وبدورها لم تطمع بالمزيد.. تعلمت أن يغني وجوده في روايتها عن وجوده في حياتها..تعلمت أن تشتاقه حبريا وتعشقه ورقيا إلى أن تساوى عندها الحب باللاحب..وعاهدت نفسها أن ينتهي كل شيء بمجرد أن تراهما معا _هو وهي_ فخططت مطولا ونفذت لما هو أكبر من صبرها وطاقتها في سبيل أن تترك خلفها رسائل له تدونها في آخر الرواية،رسائل عاشقة،عشر رسائل كأنها الوصايا العشر.. وبهذا تتركه خلفها،وتترك الرواية خلفها،وتقتله ألف مرة بعنوان الرواية.. رواية "كانت" لك...

 


للاستماع للبث المباشر لراديو حريتنا اضغط هنا
للاشتراك في صفحتنا على الفيس بوك ومتابعة أخبارنا اضغط هنا
المصدر : خاص حريتنا

اقرأ أيضا

تعليقات الموقع (0)

أضف تعليقك
الأسم
البريد الالكترونى
الهاتف المحمول
عنوان التعليق
التعليق
إرسال التعليق

تعليقات فيسبوك

حريتنا 2013 © جميع الحقوق محفوظة لدى موقع ( إحدى مواقع شركة LCA )