في تطور عسكري خطير يضع مصر على مشارف أزمة حدودية متعددة الأطراف، اتهم الجيش السوداني، يوم الثلاثاء، قوات “الدعم السريع” المتمردة بشن هجوم مسلح على نقاط حدودية حساسة داخل المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، بدعم مباشر من قوات تابعة للجنرال الليبي خليفة حفتر. كما حمّلت الخرطوم الإمارات العربية المتحدة المسؤولية عن دعم هذا التوغل، معتبرة ما جرى “عدوانًا خارجيًا منظمًا” يهدد السيادة السودانية ويقوّض الأمن الإقليمي.
تدخل عسكري ليبي في عمق السودان
ووفقًا لبيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، فإن “مليشيا آل دقلو” شنت هجومًا مباغتًا على مواقع للجيش السوداني في المثلث الحدودي، بمساندة من كتيبة السلفية التابعة للقيادة العامة الليبية بقيادة حفتر. وقد أدى الهجوم إلى اندلاع مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل عنصرين وأسر اثنين آخرين من القوات الليبية، إلى جانب الاستيلاء على عربات قتالية.
وأشار البيان إلى أن “ما جرى يمثل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي وتعديًا مباشرًا على أراضي السودان وشعبه”، محذرًا من أن هذا الهجوم ليس مجرد اشتباك حدودي، بل “امتداد لمؤامرة دولية تقودها أطراف إقليمية”، في إشارة مباشرة إلى الإمارات.
الحدود المصرية: ساحة مفتوحة لاحتمالات التصعيد
رغم أن المواجهات وقعت داخل الأراضي السودانية، فإن خط التماس يقع على مسافة قريبة جدًا من الحدود الجنوبية الغربية لمصر، ما يجعل القاهرة طرفًا مهددًا وإن لم تكن طرفًا معلنًا. فالمثلث الحدودي الذي شهد الاشتباكات يمتد بين محافظة الوادي الجديد المصرية ومنطقة العوينات السودانية ومدينة الكفرة الليبية، ما يجعل أمن مصر الحدودي عرضة للاختراق أو الاستغلال من قبل أطراف مسلحة غير نظامية.
ورغم غياب بيان رسمي مصري حتى الآن، إلا أن هذه التطورات تعزز المخاوف من انزلاق النزاع السوداني نحو الداخل الليبي، واقترابه جغرافيًا من مصر، بما يحتم على القاهرة مراقبة التطورات بحذر بالغ وربما إعادة النظر في ترتيباتها الأمنية جنوبًا.
وزارة الخارجية السودانية: هذا عدوان ترعاه الإمارات
في بيان ناري، اتهمت وزارة الخارجية السودانية الدعم السريع وقوات حفتر بتنفيذ “اعتداء سافر” على سيادة السودان، معتبرة أن التدخل المباشر للقوات الليبية لصالح الميليشيا المتمردة يُعد تصعيدًا خطيرًا تقف وراءه أبوظبي.
وقال البيان إن “حدود السودان مع ليبيا تحوّلت إلى ممر للأسلحة والمرتزقة بتمويل إماراتي، وتنسيق مباشر مع قوات حفتر والجماعات المتطرفة التابعة له”، لافتًا إلى أن قاعدة “معطن السارة” الليبية باتت مركزًا رئيسيًا لتدريب ودعم قوات الدعم السريع، وتجميع الإمدادات القادمة من الإمارات.
دعوة للتدخل الدولي وتلويح بالرد العسكري
ودعت الخارجية السودانية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية إلى إدانة هذا التدخل وفرض عقوبات رادعة على الجهات الداعمة له، مشددة على أن الخرطوم تحتفظ بحقها الكامل في الرد عسكريًا على أي تهديد لأمنها القومي.
وأضاف البيان أن “تراخي مجلس الأمن والقوى الدولية إزاء هذا العدوان هو ما شجع الإمارات وتوابعها على التمادي في دعم الجماعات الخارجة عن القانون”، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انفجار إقليمي واسع.
صراع على الممرات الاستراتيجية
تشير التطورات إلى أن المثلث الحدودي بات يمثل ساحة صراع جيوعسكري مفتوح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل دعم خارجي واضح. وتسعى كل جهة إلى السيطرة على الممرات الصحراوية الاستراتيجية، التي تشكّل نقاط عبور حيوية للتمويل والإمداد اللوجستي.
وخلال الأشهر الأخيرة، دفع الجيش السوداني بتعزيزات إلى عمق الصحراء الكبرى، في محاولة لقطع خطوط إمداد الدعم السريع القادمة من ليبيا، في حين تمكنت الأخيرة من تحقيق تقدم عسكري مهم، أبرزها السيطرة على بلدة المالحة في ولاية شمال دارفور، ومنطقة الراهب القريبة من الحدود مع مصر.