في لحظة فارقة من الزمن، اختار خالد محمد شوقي أن يقدّم روحه فداءً للآخرين، حين تصدى بشجاعة نادرة لخطرٍ داهم كاد أن يودي بحياة العشرات، وربما أكثر، في مدينة العاشر من رمضان. لم يتردد في أن يقود شاحنة مشتعلة بالمواد البترولية ويُبعدها عن محطة وقود وسط المدينة، مُجنبًا المكان دمارًا محققًا، ومقدمًا أروع صور الإيثار والبطولة.

توفي خالد متأثرًا بإصاباته البالغة داخل مستشفى “أهل مصر” للحروق، بعد أن أصيب أثناء الحريق الذي اندلع في شاحنة البنزين التي كان يقودها. رحل بعد أيام من الصراع مع الألم، تاركًا خلفه سيرةً عطرة ومشهدًا بطوليًا سيبقى حاضرًا في الذاكرة الجمعية.

وقد لاقت الحادثة صدى واسعًا بين المواطنين والجهات الرسمية على حد سواء، وأجمعت ردود الفعل على الإشادة بما قام به، معتبرين أنه نموذج نادر للتضحية والشهامة.

رئيس الوزراء ينعى ويُكرم

نعى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، السائق خالد محمد شوقي ببالغ الحزن، مشيدًا بما أبداه من بطولة متميزة، حين آثر حماية الأرواح على سلامته الشخصية. وقال إن خالد “قدم درسًا في الفداء وسرعة التصرف في موقف بالغ الخطورة”، وأكد أن الحكومة بكامل أجهزتها تُثمن هذا النموذج المضيء من أبناء الوطن.

كما وجه رئيس الوزراء وزارتي البترول والتضامن الاجتماعي بسرعة التنسيق لصرف مكافأة مالية ومعاش استثنائي لأسرة الفقيد، بما يليق بتضحيته النبيلة، وأصدر توجيهًا بتكريمه رسميًا، تخليدًا لذكراه.

شارع باسمه ومكافأة لأسرته

وفي لفتة رمزية، قرر المهندس علاء عبداللاه، رئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان، إطلاق اسم خالد محمد شوقي على أحد شوارع المدينة، تخليدًا لبطولته. من جهته، أعلن وزير العمل محمد جبران صرف مبلغ 200 ألف جنيه لأسرة البطل، مؤكدًا أن ما فعله خالد يُعد مثالًا يُحتذى في التضحية والإخلاص.

وزارات ومؤسسات تنعي البطل

نعت وزارة البترول والثروة المعدنية شهيد الواجب خالد محمد شوقي، مؤكدة أنه “ضرب أروع الأمثلة في الشجاعة والإيثار، وأنقذ الأرواح والممتلكات من كارثة محققة”. وأشارت الوزارة في بيانها إلى أن ما قام به خالد سيظل محفورًا في سجل الشرف لرجال قطاع البترول المصري.

كذلك نعاه الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية ووزير الأوقاف، مؤكدًا أن خالد “شهيد بإذن الله” بنص الحديث الشريف الذي عدّ من يموت حرقًا من الشهداء. وأوفدت الوزارة مندوبًا رسميًا لتقديم واجب العزاء لأسرته الكريمة.

تفاصيل الحادث ولحظات البطولة

في الأسبوع الماضي، اشتعلت النيران فجأة في شاحنة وقود داخل محطة بنزين بمدينة العاشر من رمضان، إثر انفجار خزان الوقود بسبب ارتفاع درجة الحرارة. كان الحريق ينذر بكارثة، إذ يهدد بامتداده إلى خزانات المحطة والمنطقة السكنية المحيطة.

وسط صرخات الذعر، انطلق خالد بسرعة مذهلة إلى مقعد القيادة، رغم اشتعال النيران في جسده والشاحنة، وقادها بعيدًا عن المحطة. نجح في إبعادها إلى الشارع، مما حال دون تفاقم الحريق، وأنقذ عشرات الأرواح وممتلكات لا تُقدّر بثمن. لكنه أصيب بحروق بالغة أدخلته العناية المركزة، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة متوشحًا شرف الفداء.

بطل من أبناء الدقهلية

شيّع أهالي محافظة الدقهلية جثمان ابنهم خالد محمد شوقي في جنازة مهيبة، عبّرت عن عميق الحزن والفخر في آنٍ واحد. واحتضنت قريته جثمانه، وهو محمول على الأعناق، وقد تحوّل إلى رمز وطني يجسد أن البطولة لا تحتاج إلى رتب ولا مناصب، بل إلى ضمير حي وقلب شجاع.

شاركنا تعليقك