أوقفت الولايات المتحدة مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية، تزامنًا مع تكثيف إدارة الرئيس دونالد ترامب جهودها لخفض الإنفاق الحكومي على المنظمات الدولية.

بدأت الإدارة الأمريكية بمراجعة شاملة لجميع التزاماتها المالية تجاه هذه المؤسسات، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على عمليات المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرًا لها.

اتخذت واشنطن خطوات حاسمة لتقييد تمويل المنظمات العالمية، مبررةً ذلك بتعارض هذا الإنفاق مع السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة.

اتجهت الإدارة الأمريكية للانسحاب من بعض المؤسسات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، في إطار سياستها التي تعرف بمبدأ “أمريكا أولًا”، مما أثار قلقًا بين الدول الأعضاء في هذه المنظمات.

أكد مصدر مطلع أن مندوبًا أمريكيًا أبلغ اجتماعًا لمنظمة التجارة العالمية أن المدفوعات المخصصة لميزانيتي 2024 و2025 قد تم تعليقها.

أشار إلى أن هذا التعليق جاء بسبب مراجعة واشنطن لمساهماتها في المنظمات الدولية، وأن الإدارة الأمريكية ستبلغ المنظمة بالنتائج النهائية لهذه المراجعة دون تحديد إطار زمني.

بينما أضاف مصدر آخر أن منظمة التجارة العالمية تدرس خطة بديلة لمواصلة عملها في حالة استمرار توقف التمويل الأمريكي لفترة طويلة.

ورغم سرية الاجتماع، إلا أن هذه المعلومات انتشرت بين الدول الأعضاء، مما دفع منظمة التجارة إلى اتخاذ احتياطات احترازية لضمان استمرارية عملياتها.

بدأت تداعيات قرار الإدارة الأمريكية تظهر بشكل ملحوظ على نظام تسوية النزاعات داخل المنظمة. ففي عام 2019، منعت واشنطن تعيين قضاة جدد في هيئة الاستئناف الرئيسية بالمنظمة، مما تسبب في تعطل نظام تسوية النزاعات، وهو ما شكل تحديًا كبيرًا أمام الدول الأعضاء التي تعتمد على هذا النظام لحل الخلافات التجارية.

أوضح متحدث باسم منظمة التجارة أن المساهمات الأمريكية كانت في طريقها إلى المنظمة، لكن تعليق المدفوعات الأمريكية للوكالات الدولية أثر على هذا الالتزام.

أكد أن التأخر في السداد قد يؤثر على القدرة التشغيلية للمنظمة، لكن الأمانة العامة مستعدة للتعامل مع أي قيود مالية ناجمة عن المتأخرات.

في سياق متصل، كشف تقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية أن المتأخرات الأمريكية حتى نهاية ديسمبر 2024 بلغت 22.7 مليون فرنك سويسري، وهو ما يعادل نحو 25.70 مليون دولار.

ووفقًا لقواعد المنظمة، فإن أي دولة عضو تتخلف عن سداد مستحقاتها لأكثر من عام قد تخضع لإجراءات إدارية تشمل فرض عقوبات تدريجية.

واصلت إدارة ترامب انتهاج سياسة تقليص الالتزامات المالية تجاه المؤسسات الدولية، حيث وقع الرئيس أمرًا تنفيذيًا يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو بإعادة النظر في جميع المنظمات التي تمتلك الولايات المتحدة عضوية فيها. تستهدف هذه المراجعة تحديد مدى توافق أنشطة هذه المؤسسات مع المصالح الأمريكية.

أكد مسؤول في وزارة الخارجية أن جميع المؤسسات الدولية التي تعتمد على التمويل الأمريكي، بما فيها منظمة التجارة العالمية، تخضع حاليًا لمراجعة شاملة.

وفي تصريح منفصل، أوضح مسؤول من مكتب الممثل التجاري الأمريكي أن الوزارة تنسق مع وزارة الخارجية لإعادة تقييم مدى جدوى الاستمرار في تمويل هذه المؤسسات.

تعكس هذه التطورات التوجه الأمريكي نحو تقليص دورها المالي في الساحة الدولية. فيما بدأت بعض الدول الأعضاء في منظمة التجارة بإعادة تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة، معربة عن قلقها إزاء مستقبل المنظمة وقدرتها على مواصلة عملها في ظل هذه المستجدات.







Source link